رسالة إلى الطاقم الطبي والتربوي

رسالة إلى الطاقم الطبي والتربوي

   لقد عانت البشرية منذ بداية عام 2020م من جائحة كورونا -كوفيد 19-، فاضطرّت معظم دول العالم ومنها الجزائر إلى غلق مجالها الجوي ومنع تنقل الأشخاص بين الدول وحتى بين ولايات نفس البلد، مع تطبيق البروتوكول الوقائي الصحي، منعا لزيادة تفشي العدوى.

  ولأول مرّة في التاريخ البشري، يتجنّد العالم بأسره ضدّ هذه الجائحة بمختلف الأطقم الطبية، خاصة الأطباء وأعوان الشبه الطبي، الذين أطلق عليهم لقب "الجيش الأبيض" وهم يتصدّون لفيروس يتحوّر كما يتحوّر لون الحرباء حسب وسطه، وقضى الكثير منهم نحبهم جرّاء إصابتهم بهذا الوباء.

  وحسب منظمة الصحة العالمية فإنّ معدل الإصابة عالميا بالفيروس بين الأطقم الطبية يتراوح بين 10% إلى 15% من إجمالي الإصابات.

  هكذا يموت "خطّ الدفاع الأول" عن البشرية في صمت من أجل إنقاذ العالم من خطر داهم، فحقّ لنا أن نسمّيهم "الجيش الأبيض".

  واليوم ومع الدخول المدرسي 2020/2021 تقع المسؤولية على الطاقم التربوي في إكمال ما أنجزه وينجزه الطاقم الطبي، بالتوعية والإرشاد بالإضافة إلى التعليم.

  فالتعايش مع هذا الوباء ضرورة حتمية، لا ينبغي الاستسلام له، وتعطيل حركية الحياة اليومية، وحرمان الطلاب من الدراسة، "فالحياة بدون تعليم كمداواة جرح بدون تعقيم" (الأستاذ عبد المطلب)

  أو كما قال الشاعر أحمد شوقي:

ترك النفوس بلا علم و لا أدب  *** ترك المريض بلا طبّ و لا آس

  وهنا يتجلىّ دور "خطّ الدفاع الثاني" ضدّ هذا الوباء، وهو الطاقم التربوي، في تحقيق مفهوم "الوقاية خير من العلاج" ومساندة إخوانهم في السلك الطبي الذين كانوا ولا يزالون يعالجون الأبدان، واليوم جاء دور جنود التربية لعلاج العقول، بالتحسيس والوقوف على تطبيق الإجراءات الوقائية ضدّ فيروس كورونا المستجد أولا، ثم ثانيا بردء الصدع وبناء ما خرّبه هذا الوباء في مجالات شتّى، بالاستثمار في التعليم لأنّه ثروة لا تنضب، وبه نرتقي و نرغب، فهو جواز سفرنا نحو المستقبل، ومنقذنا من كوارث الزمان، ليأخذنا إلى برّ الأمان.

  ولقد سبق أن نبّهنا إلى ذلك المفكر الجزائري "مالك بن نبي" أحد روّاد النهضة الفكرية الإسلامية في القرن العشرين بقوله: "ولقد يحدث أن تلمّ بالمجتمع ظروف أليمة، كأن يحدث فيضان أو تقع حرب فتمحو منه عالمَ الأشياء محوا كاملا، أو تفقده إلى حين ميزة السيطرة عليه، فإذا ما حدث في الوقت ذاته أن فقدَ المجتمع السيطرة على (عالم الأفكار) كان الخراب ماحقا، أما إذا استطاع أن ينقذ (أفكاره) فإنّه يكون قد أنقذ كل شيء، إذ أنّه يستطيع أن يعيد بناء (عالم الأشياء)".    

  وهذا ما ننتظره اليوم من المدرسة ومن التعليم، خاصة من "الجيش الأبيض الثاني" وهم المعلمون.

·      السيّد: مسؤول الطور المتوسّط

الأستاذ: طاهر عبد المطلّب